مدونة

انت تملك القوة بداخلك – 22 – دع غضبك يتفجر بشكل إيجابي

angry
The Power With In You

انت تملك القوة بداخلك – 22 – دع غضبك يتفجر بشكل إيجابي

ليس فينا عزيزي القاريء من لا تعتمل في نفسه عوامل الغضب لهذا الأمر أو ذاك ، وهذا أمر طبيعي للغاية ، بل هو غريزي في النفس البشرية .
حين نكتم مشاعر الغضب أو الإستياء والسخط فإنها تعتمل في الداخل لتتحول إلى مرارة وأسى وحزن وبالتالي إلى مرض فسيولوجي يختزن تلك الشحنات التي تعذر علينا إطلاقها لهذا السبب أو ذاك .
المرض الفسيولوجي كما المرض النفسي هما عاملين من عوامل اللاتوازن في الشخصية ، ( إضطراب الشخصية ) ، وإضطراب الشخصية يتأتى غالبا من حرمان المرء فرصة تأكيد ذاته وهويته الشخصية وكينونته المستقلة المتميزة .

مشاعر الغضب والنقد وتأنيب الضمير والشعور بالذنب والخوف وغيرها ، جميع هذه يجب أن تُفهم ويُعبر عنها بشكل طبيعي ولا ينبغي أن تُخنق في الداخل ، إنما حيث تُخنق يجب التنبه لها ثم إطلاقها بشكل إيجابي رصين غير مؤذي لك أو للآخرين .
وحيث أننا نعالج الآن في هذا الفصل عامل الغضب والسخط ، فإذن سنتحدث عن الوسائل السليمة لتصريف هذه الشحنات السلبية الضارة ، بشكل إيجابي .
كيف ؟
حسنا … هناك أساليب عديدة جدا لتصريف تلك الطاقات ، إنما سأورد بعضها وأفضلها :
اولا :
____

تحدث مع الشخص المعني بالغضب أو الذي سبب لك شعور الغضب ، هذا الأسلوب هو الأفضل والأجدى والأنفع ، تحدث بثقة للمقابل وفجر ما في داخلك من غضب قبل أن يعتمل أكثر ليتحول إلى قوة مدمرة ، قل له : ” أنا غاضب منك لأنك ………………….. ”
شددّ على كلمة أنا غاضب منك ، فإن لم تقلها فكأنك لم تفعل شيء ، لا قلها بصراحة فأنت في أول المشوار أما لو وجدت أنك تود أن تصرخ بقوة في وجهه ، فهذا يدل على أن الغضب قد أُختُزنَ طويلا في داخلك ، وهنا إن وجدت أنك قد تتورط في شجار مع المعني فليتك توجهت صوب سبيل آخر يمكن أن يحفظ بعض الود مع المقابل دون أن يحرمك فرصة تفجير غضبك وهذا هو السبيل الثاني الذي نذكره أدناه .

ثانيا :
___

تحدث مع المقابل عبر مرآة في بيتك أو في مكان منعزل ، إبحث لك عن مكان آمن لا يكون هناك فيه من ينظرك أو يتابعك ، ركز بصرك على عينيك في المرآة ، إن وجدت أنك لا تجرؤ على أن تنظر لعينيك ، إنظر إلى أنفك أو فمك ، إستحضر في خيالك صورة الشخص الذي سبب لك الغضب ، إستحضر اللحظة التي سببها لك ثم إشرع بإبلاغ الشخص ( في الخيال طبعا ) أنك غاضب منه لأنه فعل كذا أو قال كذا ضدك أو سبب لك كذا خسارة أو حرمان أو إساءة ، كن دقيقا في توضيح هذا الذي أغضبك منه ، قل وجهة نظرك بصراحة فهو على الأقل بعيد عنك الآن ، دع غضبك يتفجر ويتسرب إلى الخارج بشكل تلقائي عبر الكلمات ، إظهر له ولنفسك أنك غاضب حقا ، ولو وجدت أنك بحاجة إلى التعبير عن غضبك بشكل فعلي ، توجه صوب سريرك وألتقط الوسادة أو أكثر من وسادة وأبدأ بضربها بقوة ، لا تخف من تفجير غضبك ، بل دعه يتحرر بالكامل بهذه الطريقة الآمنة .
لا تمضي إلا بضع دقائق أو ربع ساعة مثلا إلا وتجدك متحرر بالكامل من شحنات الغضب التي كانت كامنة في داخلك وستشعر بالصفاء والأرتياح وإذ يفرغ قلبك وعقلك من الغضب ، سيتحرر مكان كبيرٌ فيهما يمكن أن يشغله الحب والثقة والأمان والفكر الهاديء .
حين تتحرر من غضبك ، يستحسن عزيزي القاريء أن تغفر لمن أخطأ في حقك . العفو يمنح المرء شعور بالحرية الكبيرة ، لأن الغضب والكراهية قيد وعبودية لحالة زمنية أو لفعل حصل في زمن مضى وبالتالي إن لم يطرد فإنه يظل مفسدا للحاضر والمستقبل ، تحرر من غضبك بالطريقة التي تحب ، ثم إنتقل إلى العفو عن من أساء إليك ، لتكتمل حزمة تفريغ المكبوتات بحيث لا تنسحب على المستقبل .
طبعا حين نقول أنك ستعفو لا يعني هذا أنك ملزم بأن تعود لمن خذلك أو أساء إليك فتتحبب إليه ، لا هذا أمر آخر لا علاقة له بعملية تفريغ الغضب ، فقد يعود هذا الرجل أو تلك المرآة إلى تكرار ذات الفعل ثانية وثالثة ، إنما نقول تعفو عنه وتحرره من كراهيتك وغضبك له وذلك في داخل نفسك أولا ثم تقول له ، ” إذهب بسلام وحررني من كراهيتك ومن حضورك في حياتي “.
أو قُل :
” حسنا ، لقد أغلقت ملف هذا الموقف وأنا أتفهم الآن إنه ماضي لا ينبغي أن أفكر فيه وأتفهم أنك كنت في وضع سيء أو إن هذا هو أقصى ما تملك من فهم وإدراك وأخلاقيات في التعامل ، إذهب أنت حر الآن ودعني أعيش حياتي بسلام ”
بهذا تحرر نفسك وتحرر المقابل من غضبك وتفكيرك الدائم غير المجدي في الإنتقام منه .
طبعا من الممكن عزيزي القاريء أن لا تتحرر بالكامل من شعورك بالغضب في المرة الأولى ، عندها يمكن أن تكررها مرات عديدة حتى تشعر أنك تحررت بالكامل وأن نفسك عادت للصفاء والتألق والسكينة .
طبعا يمكن أن تسمح لنفسك أن تصرخ في المرآة أو بينما أنت ترفس الوسادة أو تلكمها ، لا بأس ، إفعل هذا وخذ الوقت الذي يناسبك .
أذكر أن أحد المشاركين في فصل دراسي عندي ، إعتمد ساعة منبه الفرن ( طبعا هذا إختيار ذكي لأن الفرن يذكر بفرن القلب حين يغلي من الغضب ) ووضع المؤقت على نصف ساعة ، وظل يضرب الوسادة ويصرخ وحين شعر بالتعب والإرتياح بنفس الوقت نظر إلى الساعة فإذا بها لا زالت عند الدقيقة العاشرة ، فعاد إلى الرفس والصراخ لدقائق أخرى حتى أفرغ كل ما في قلبه قبل أن تدق ساعة الفرن معلنة إنتهاء الشواء المفترض .
لقد أخبرني الكثيرون أنهم بعد هذا التمرين يشعرون براحة غريبة جدا إذ يتحررون من الغضب والكراهية والحنق ، وأجيبهم : ” هذا أمر طبيعي لأنكم تحملون عبئا أنتم غير راغبين فيه ولكنه فرض عليكم ، وبالتأكيد حين تتحررون منه تشعرون بالراحة والصفاء ” .

تعليقات (8)

  1. استاذتي اود ان انوه بالتوجيه  النبوي  عند الغضب وهي ان يتوضأ الانسان لان الغضب من النار لا يطفأه الا الماء ويغير من وضعه ان كان قائما جلس وان كان مضطجعا جلس وهكذا بعد ذلك يمكنه اجراء التمرين لا عدمناك  نحن متابعين لك

    1. اضافه رائعه امل متجدد … 🙂 ومهمه ايضا

  2. سبحان الله
    البارحه صارحت احدهم انني غاضبة منه لانه فعل كذا
    و بعدها شغلني التفكير هل مافعلته صحيح ام لا
    قُدر لي أن ادخل هنا لأرى أن مافعلته صحيح
    لا أجد كلمات تعبر عن امتنناني لكي د/ حصة
    عندما يكون مزاجي سيئ اتوجه بأسرع وقت ممكن الى هذا الموقع لأنني متأكدة أن ما سأجده فيه
    سيحسن مزاجي ويعطيني جرعة كبيرة من التفاؤل والايجابية
    فشكراً لكي بحجم السماء حصة

  3. موضوع رائع، وشكرا لعطائك المستمر حصة، الله يوفقج 🙂

  4. User Avatar

    شكرا استاذه حصه…
    طريقه حلوه وماتضر احد …

  5. موضوع رائع حصوصة وكفيتي ووفيتي الكل محتاج هالموضوع الرائع يجزاك الله ألف خير 🙂

  6. hayona

    موضوع حلو جا بوقته

    كنت اتساءل كيف اخرج طاقة الغضب

    شكلها بتصير في المخده ..الله يعينها علي 🙂

    مشكوره استاذه حصه على الموضوع
    وعلى مواضيعك الشيقه ..صفحتك مفضله عندي لازم اشيك على جديدها كل يوم

    تمنياتي لك بالتوفيق

  7. ما اخفيك لي الآن عدة شهور غاضب من عدة مواقف قاسية لي , واكتشفت في نفسي انني اريد ان اعبر واتحرر من هذا الغضب المتعب لصحتي سامحت كل الاشخاص والظروف ومازلت اشعر بتعب قليل بجسدي . لانني واجهت الاشخاص وهربو مني لانهم خائفون مني ولم استطع ان اشاهدهم لسذاجتهم وبساطتهم وبعضهم كبير سن . وجائتني فكرة المخدة قبل شهرين ولم اعملها لعدم توفر المكان المناسب ــ
     بعد هذا الموضوع سوف اعمل تمرين المخدة والمرآة اريد ان اصرخ من كل قلبي بصدق اشعر بالاستياء من فترة اريد ان اتحرر من غضبي  .
    ممنون لك   ـ     د / حــصــة .
    ربي يسعدك استاذة عزيزة واتعلم منك كل يوم ..

اترك رداً على سلطان إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *